سورة المائدة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا} المحارم والمناهي {فإن توليتم} عن الطَّاعة {فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} فليس عليه إلاَّ البلاغ، فإن أطعتم وإلاَّ استحققتم العقاب، فلمَّا نزل تحريم الخمر قالوا: يا رسول الله، ما تقول في إخواننا الذين مضوا وهم يشربونها، ويأكلون الميسر؟ فنزل: {ليس على الذين آمنوا وعلموا الصالحات جناح فيما طعموا} من الخمر والميسر قبل التحريم {إذا ما اتقوا} المعاصي والشِّرك {ثمَّ اتقوا} داموا على تقواهم {ثم اتقوا} ظلم العباد من ضمِّ الإِحسان إليه.
{يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد} كان هذا عام الحديبية، كانت الوحش والطيَّر تغشاهم في رحالهم كثيرة، وهم مُحْرِمون ابتلاءً من الله تعالى. {تناله أيديكم} يعني: الفراخ والصِّغار {ورماحكم} يعني: الكبار {ليعلم الله} ليرى الله {مَنْ يخافه بالغيب} أَيْ: مَنْ يخاف الله ولم يره {فمن اعتدى} ظلم بأخذ الصَّيد {بعد ذلك} بعد النَّهي {فله عذابٌ إليم}.
{يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} حرَّم الله قتل الصَّيد على المُحْرِم، فليس له أن يتعرَّض للصَّيد بوجهٍ من الوجوه ما دام مُحرماً {ومَنْ قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم} أَيْ: فعليه جزاءٌ مماثل للمقتول من النَّعم في الخِلقة، ففي النَّعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، وفي الضَّبع كبش، على هذا التَّقدير {يحكم به ذوا عدل} يحكم في الصَّيد بالجزاء رجلان صالحان {منكم} من أهل ملَّتكم فينظران إلى أشبه الأشياء به من النَّعم، فيحكمان به {هدياً بالغ الكعبة} أَيْ: إذا أتى مكة ذبحه، وتصدَّق به {أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك} أَيْ: مثل ذلك {صياماً} والمُحرِم إذا قتل صيداً كان مخيَّراً؛ إن شاء جزاه بمثله من النَّعم؛ وإن شاء قوَّم المثل دراهم، ثمَّ الدراهم طعاماً، ثمَّ يتصَّدق به، وإن شاء صام عن كلِّ مدٍّ يوماً {ليذوق وبال أمره} جزاء ما صنع {عفا الله عما سلف} قبل التَّحريم {ومن عاد فينتقم الله منه} مَنْ عاد إلى قتل الصَّيد مُحرماً حُكم عليه ثانياً، وهو بصدد الوعيد {والله عزيز} منيع {ذو انتقام} من أهل معصيته.
{أحلَّ لكم صيد البحر} ما أُصيب من داخله، وهذا الإِحلالُ عامٌّ لكلِّ أحد مُحرِماً كان أو مُحِلاًّ {وطعامه} وهو ما نضب عنه الماء ولم يُصَد {متاعاً لكم وللسيارة} منفعة للمقيم والمسافر، يبيعون ويتزوَّدون منه، ثمَّ أعاد تحريم الصَّيد في حال الإِحرام، فقال: {وحرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً واتقوا الله الذي إليه تحشرون} خافوا الله الذي إليه تبعثون.


{جعل الله الكعبة البيت الحرام} يعني: البيت الذي حرَّم أن يصاد عنده، ويختلى للحجِّ وقضاء النُّسك {والشهر الحرام} يعني: الأشهر الحرم، فذكر بلفظ الجنس {والهدي والقلائد} ذكرناه في أولَّ السورة، وهذه الجملة ذُكرت بعد ذكر البيت؛ لأنَّها من أسباب الحج فذكرت معه {ذلك} أَيْ: ذلك الذي أنبأتكم به في هذه السُّورة من أخبار الأنبياء، وأحوال المنافقين واليهود، وغير ذلك {لتعلموا أنَّ الله يعلم ما في السموات...} الآية. أَيْ: يدلُّكم ذلك على أن لا يخفى عليه شيء.


{قل لا يستوي الخبيث والطيب} أَيْ: الحرام والحلال {ولو أعجبك كثرة الخبيث} وذلك أنَّ أهل الدُّنيا يعجبهم كثرة المال وزينة الدُّنيا.
{يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبدَ لكم تسؤكم} نزلت حين «سُئل النبيُّ حتى أحفوه بالمسألة، فقام مُغضباً خطيباً، وقال: لا تسألوني في مقامي هذا عن شيء إلاَّ أخبرتكموه، فقام رجلٌ من بني سهم يُطعن في نسبه فقال: مَنْ أبي؟ فقال: أبوك حذافة، وقام آخر فقال: أين أنا؟ فقال: في النَّار»، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ونهاهم أن يسألوه عمَّا يُحزنهم جوابه وإبداؤه، كسؤالِ مَنْ سأل عن موضعه، فقال: في النَّار، {وإن تسألوا عنها} أيْ: عن أشياء {حين ينزل القرآن} فيها {تُبدَ لكم} يعني: ما ينزل فيه القرآن من فرضٍ، أو نهيٍ، أو حكمٍ، ومسَّت الحاجة إلى بيانه، فإذا سالتم عنها حينئذٍ تبدى لكم. {عفا الله عنها} أَيْ: عن مسألتكم ممَّا كرهه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا حاجة بكم إلى بيانه. نهاهم أن يعودوا إلى مثل ذلك، وأخبر أنَّه عفا عمَّا فعلوا {والله غفورٌ حليم} لا يعجل بالعقوبة، ثمَّ أخبرهم عن حال مَنْ تكلَّف سؤال ما لم يُكلَّفوا.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10